الوصف
- ديباجة الكتاب:
- قال المؤلف رحمه الله: «فخير العلوم وأفضلها، وأقربها إلى الله وأكملها، علم الدين والشرائع، المبين لما اشتملت عليـه الأحكام الإلهية من الأسرار والبدائع؛ إذ به يعلم فساد العبادة وصحتها، وبه يتبين حـل الأشياء وحرمتها، ويحتاج إليه جميع الأنام، ويستوي في الطلب به الخاص والعام، فهو أولى ما أنفقت فيه نفائس الأعمار، وصرفت إليه جواهر الأفكار، واستعملت فيه الأسماع والأبصار، وقد أكثر العلماء رحمهم الله في ذلك من المصنفات، ووضعوا فيه المطولات والمختصرات ، وكان من أجل المختصرات على مذهب الامام مالك، مختصر الشيخ العلامة ولي الله تعالى خليل بن إسحاق الذي أوضح به المسالك، إذ هو كتاب صغر حجمه، وكثـر علمه، جمع فأوعى، وفاق أضرابه جنسا ونوعا، واختص بتبيين ما به الفتوى، وما هو الأرجح والأقـوى ، لم تسمح قريحة بمثاله ، ولم ينسج ناسج على منواله، إلا أنه لفرط الإيجاز، كاد يعـد مـن جملة الألغاز.
- وقد اعتنى بحل عبارته، وإيضاح إشارته ، وتفكيك رموزه، واستخراج مخبات كنوزه، وإبراز فوائده، وتقييد شوارده، تلميذه العلامة الهمام قاضي القضاة تاج الدين أبو البقاء بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عوض الدميري القاهري رحمه الله، فشرحه ثلاثة شروح، صار بها غالبه في غاية البيان والوضـوح، واشتهر منها الأوسط غايـة الاشتهار، واشتغل الناس به في سائر الأقطار، مع أن الشرح الأصغر أكثر تحقيقا، وشرحه أيـضـا مـن تلامذة المصنف العلامة عبد الحق بن علي بن الحسن بن الفرات المصري، والشيخ جمال الدين عبد الله بن مقداد بن إسماعيل الأقفهسي شارح الرسالة، ويقال له الأقفاصي ، وسلكا في شرحيـهما مسلك الشيـخ بهرام، وإن كـان ابن الفرات أوسع من جهـة النقل وشرحه أيضا ممن أخذ عن المصنف الشيخ العلامة يوسف بن خالد بن نعيم البساطي؛ قريب البساطي المشهور، ولم أقف على شرحه، ثم شرحه أيضا العلامة المحقق شيخ شيوخنا قاضي القضاة شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن نعيم؛ على وزن عظيم، ابن مقدم بكسر الدال المهملة المشددة البساطي شرحا أكثر فيه من الأبحاث والمناقشة في عبارة المصنف، وسلك مسلك الشارح في غالب شرحه، ثم شرحه جماعة من المتأخرين، وسلكوا نحوا من ذلك، وبقيت في الكتاب مواضع يحتاج إلى التنبيه عليها، وأماكن يتحير الطالب اللبيب لديها، فتتبع الشيخ العلامة مفتي فاس وخطيبها ومقرئها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن غازي العثمـاني؛ نسبة إلى قبيلـة يقال لها بنو عثمـان المكناسي – رحمه الله – من ذلك أماكن كثيرة، وفكك مواضع من تراكيبه العسيرة، فأوضحها غاية الإيضاح، وأفصح عن معانيها كل الإفصاح، وبقيت فيه مواضع إلى الآن مغلقة، ومسائل كثيرة مطلقة..
- ▪️وكنت في حال القراءة والمطالعة جمعت من ذلك مواضع عديدة، مع فروع مناسبات وتتمات مفيدة، فحصل منها جملة مستكثرة، في أوراق مفرقة منتشرة، جعلتها لنفسي تذكرة، فأردت جمع المواضع على انفرادها، ثم إني رأيت أنه لا تكمل الفائدة بذلك إلا إذا ضم إلى الشرح وحاشية الشيخ ابن غازي، وقد لا يتأتى للشخص جمع ذلك، ثم أردت جمع تلك المواضع من كلام الشيخ ابن غازي، فرأيت الحال كالحال، على أني أقول- كما قال ابن رشد في مسائل العتبية- : ما من مسألة وإن كانت جلية في ظاهرها إلا وهي مفتقرة إلى الكلام على ما يخفى من باطنها. وقد يتكلم الشخص على ما يظنه مشكلا، وهو غير مشكل عند كثير من الناس، وقد يشكل عليهم ما يظنه هو جليا، فالكلام على بعض المسائل دون بعض عناء وتعب بغير كبير فائدة، وإنما الفائدة التامة التي يعظم نفعها، ويستسهل العناء فيها؛ أن يتكلم الشخص على جميع المسائل؛ كي لا يشكل على أحد مسألة إلا وجد التكلم عليها، والشفاء مما في نفسه منها، فاستخرت الله تعالى في شرح جميع الكتاب، والتكلم على جميع ذكر ما تحتاج إليه كل مسألة من تقييدات وفروع مناسبة، وتتمات مفيدة؛ من ضبط وغيره ، ومع ذكر غالب الأقوال وعزوها وتوجيهها غالبا، والتنبيـه على ما في كلام الشـروح…»اهـ.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.