Description
- -قالوا عن الإمام محمد بن الحسن الشيباني -منتقاة من مقدمة المحقق-:
- قال الشافعي: «ما رأيت أفصح من محمد بن الحسن، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن نزل بلغته». وقال: «ولو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت؛ لفصاحته».
- قال الشافعي: «كان محمد بن الحسن الشيباني إذا أخذ في المسألة كأنه قرآن ينزل عليه لا يقدم حرفاً ولا يؤخر»اهـ.
- قال الربيع بن سليمان: «وقف رجل على الشافعي فسأله عن مسألة فأجابه، فقال له الرجل: يا أبا عبد الله، خالفك الفقهاء. فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيهاً قط؛ اللَّهم إلا أن تكون رأيت محمد بن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدناً قط أذكى من محمد بن الحسن»اهـ.
- قال أبو عبيد القاسم بن سلام: «ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن».
- قال أبو علي الحسن بن داود: «فخر أهل البصرة بأربعة كتب، منها كتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب الحيوان له وكتاب سيبويه وكتاب الخليل في العين، ونحن نفتخر بسبعة وعشرين ألف مسألة في الحلال والحرام عملها رجل من أهل الكوفة يقال له: محمد بن الحسن قياسية عقلية لا يسع الناس جهلها، وكتاب الفراء في المعاني …»اهـ.
- قال ابن حجر العسقلاني: «وكان الشافعي يعظمه في العلم، وكذلك أحمد بن حنبل».
- -مكانة كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني في الفقه الإسلامي عموماً -بقلم المحقق-:
- إن الإمام أبا حنيفة (ت ١٥٠ هـ) هو في الحقيقة واضع الحجر الأساسي للمذاهب الفقهية الأخرى. فمن حيث الزمن هو أقدمهم، وهو أكبرهم سناً. ومن حيث الفروع الفقهية وتوسيع مسائل الفقه بالقياس، واختراع المسائل الافتراضية وبحث الحلول لها هو المقدم من بين الفقهاء في جميع ذلك. وكتاب الأصل في أساسه مبني على الأسس والقواعد التي وضعها في مدرسته الفقهية بالكوفة. وقد دون أصحابه وتلاميذه أقواله وآراءه في مجلسه أو بعد ذلك مع إضافة أقوالهم في تلك المسائل. ومن أشهرهم ومتقدميهم في ذلك الإمام أبو يوسف. وقد جمع الإمام محمد بن الحسن هذه الأقوال في كتاب الأصل مع إضافة رأيه إلى رأي الإمامين المذكورين.
- وقد كان الإمام مالك بن أنس (ت ١٧٩) بالمدينة معاصراً للإمام أبي حنيفة وإن كان أصغر منه سناً. لكن فقه الإمام مالك لم يكن يشبه فقه الإمام أبي حنيفة في وضع المسائل والتفريع لها والإكثار من القياس واختراع المسائل الافتراضية. وقد قال أسد بن الفرات وقد قَدِم على مالك من أفريقية: كان ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك يجعلونني أسأله عن المسألة، فإذا أجاب يقولون: قل له: فإن كان كذا؟ فأقول له؛ فضاق علي يوماً، فقال لي: هذه سليسلة بنت سليسلة، إن أردت هذا فعليك بالعراق.
- وهذا ما صنعه أسد بن الفرات حقاً، فقد رحل إلى العراق وأخذ عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وغلب عليه علم الرأي، وكَتَبَ عِلْمَ أبي حنيفة، كما يقول الذهبي. ولما رجع من العراق ذهب إلى ابن وهب فقال: هذه كتب أبي حنيفة، وسأله أن يجيب فيها على مذهب مالك، فأبى وتورع؛ فذهب بها إلى ابن القاسم، فأجابه بما حفظ عن مالك وبما يعلم من قواعد مالك، وتسمى هذه المسائل الأسدية. وأخذها عنه سحنون بن سعيد، صاحب المدونة التي هي أساس الفقه المالكي، ثم عرضها على ابن القاسم أيضاً . فقد لجأ أصحاب الإمام مالك إلى الاستفادة من الفقه الحنفي في وضع المسائل وتوسيع الفقه المالكي، والسؤال هو نصف العلم كما يقال.
- أما الإمام الشافعي (ت: ٢٠٤ هـ) فقد درس الفقه الحنفي دراسة دقيقة على يدي الإمام محمد بن الحسن. وقد حمل عنه وقر بعير كتباً، كما قال. وكان يعترف بالفضل للإمام أبي حنيفة واضع المذهب، واشتهر قوله: «الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة». كما كان يعترف بالفضل للإمام محمد بن الحسن. فقد قال له رجل يوماً: «خالفك الفقهاء، فقال: هل رأيت فقيهاً قط، إلا أن يكون محمد بن الحسن»؛ وقال أيضاً: «أَمَنُّ الناس عليّ في الفقه محمد بن الحسن».
- قال النووي: «أبو العباس بن سُريج الشافعي (ت. ٣٠٦)، هو أحد أعلام أصحابنا، بل أوحدهم بعد الذين صحبوا الشافعي، وهو الذي نشر مذهب الشافعي وبسطه. وقال الخطيب البغدادي: هو إمام أصحاب الشافعي في وقته، شرح المذهب ولخصه وعمل المسائل في الفروع، وصنف كتباً في الرد على المخالفين من أصحاب الرأي. وقال الشيخ أبو إسحاق في طبقاته: كان ابن سريج من عظماء الشافعيين، وكان يفضَّل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني. قال: وسمعت شيخنا أبا الحسن الشيرجي الفرضي يقول: فَرَّعَ على كتب محمد بن الحسن … وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق».
- ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل: «من أين لك هذه المسائل الدِّقَاق؟ أجاب بأنها من كتب محمد بن الحسن».
- فهذه المذاهب الفقهية الكبرى قد اعترف أئمتها بأن مسائل الفقه من وضع أبي حنيفة وأصحابه. ولا شك أن هناك خلافاً كثيراً في حلول المسائل الفقهية بين هذه المذاهب والفقه الحنفي؛ لكن أصل وضع هذه المسائل وتفريعها إنما هو من صنع أبي حنيفة وأصحابه. ومصدر هذه المسائل بالدرجة الأولى هو كتاب الأصل. فهذا يبين مقدار أهمية الكتاب بالنسبة للفقه الإسلامي وتاريخه.
Reviews
There are no reviews yet.